آداب دخول الخلاء


الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد فهذه جملة من آداب دخول الخلاء جاء الشرع ببيانها وذكرها النبي ﷺ لأصحابه رضوان الله عليهم ونقلها أصحابه إلى من بعدهم فكان من دين الله بيانُها وذكرها فمن هذه الآداب:
أن المسلم إذا أراد دخول الخلاء - وهو المحل المعد لقضاء الحاجة -   فإنه يستحب له أن يقول :اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. 
لحديث أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ  إذا دخل الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. متفق عليه .

وقَالَ صلى الله عليه وسلم « إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث ».رواه ابوداود.
و( الْحُشُوشَ ) هي أماكن قضاء الحاجة .
و( مُحْتَضَرَةٌ ) أي تحضرها الشياطين  وهذا الذكر يحمي منهم بإذن الله عزوجل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : وفائدة هذه الاستعاذة : الالتجاء إلى الله عز وجل من الخبث والخبائث لأن هذا المكان خبيث ، والخبيث مأوى الخبثاء فهو مأوى الشياطين ، فصار من المناسب إذا أراد دخول الخلاء أن يقول : أعوذ بالله من الخبث والخبائث حتى لا يصيبه الخبث وهو الشر ، ولا الخبائث وهي النفوس الشريرة ".ا. هـ ( الشرح الممتع )

وإذا أراد أن يقضي حاجته في فضاء - أي : في  محل غير معد لقضاء الحاجة - ; فإنه يستحب له أن يبتعد عن الناس بحيث يتوارى عنهم ويجب أن يستتر عن الأنظار بحائط أو شجرة أو غير ذلك لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يقضي حاجته فانطلق حتى توارى عنه. متفق عليه.
وقد كان أحبَ مااستتر به رسول الله ﷺ لحاجته  هَدَفٌ أَو حائِشُ نخل.
( أي مرتفع من الأرض أو حائط نخل وهو البستان ) . رواه مسلم

ومن الجفاء ما يفعله بعض الناس من قضاء حاجته بجانب الطريق قريبا منه على مرأى من الناس وربما انكشف شئ من عورته.

ولا يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة  ، بل ينحرف عنها لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : لاتستقبلوا القبلة بغائط ولابول  ولكن شرقوا أوغربوا. متفق عليه.
 
وقال ﷺ : إذا جلس أحدكم على حاجته فلايستقبل القبلة ولايستدبرها . رواه مسلم.

وعليه أن يتحرز من رشاش البول أن يصيب بدنه أو ثوبه وإذا كان في خلاء من الأرض فليلتمس لبوله مكانا رخوا حتى لا يتطاير عليه شيء منه . 

وليحرص المسلم على التنزه من البول فإن عدم التنزه منه من أسباب عذاب القبر  فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي ﷺ  بقبرين فقال إنهما  ليعذبان ومايعذبان  في كبير أَما أحدهما فكان لايستتر من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. متفق عليه. 
وقال ﷺ : أكثر عذاب القبر من البول . رواه ابن ماجه.

ولا يمسُ فرجه بيمينه ولا يزيلُ النجاسة بها لحديث أَبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : لا يُمسكن أَحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولايتمسح من الخلاء بيمينه . متفق عليه.
 ولا يجوز للمسلم  أن يقضي حاجته في طريق الناس أو في ظلهم أو موارد مياههم لحديث أَبِي هُرَيْرَةََ رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله ؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم. رواه مسلم.
وذلك  لما في هذا العمل من الإضرار بالناس وأذيتهم.

ولا يدخل موضع الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل أو فيه قرآن فإن خاف على الذي معه مما فيه ذكر الله  جاز له الدخول به ويغطيه .

ويجوز البول قائماً لحديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي ﷺ بال قائماً. رواه البخاري ومسلم.

فإذا فرغ من قضاء الحاجة فإنه يزيل أثر الخارج بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار.
والاستجمار يكون بالأحجار أو ما يقوم مقامها من الورق الخشن والخرق ونحوها مما ينقى ,
ويشترط في الاستجمار ثلاث مسحات منقيات فأكثر إذا أراد الزيادة  لحديث سلمانَ رضي الله عنه  قَالَ: لقد نهانا رسول الله أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أَو أن نستنجي  بأقل من ثلاثة أحجار  أو أن نستنجي برجيع أَو عظم . رواه مسلم.
 
ودل الحديث أيضا أنه لا يجوز الاستجمار بالعظام ورجيع الدواب  أي : روثها.

ويجب الاستنجاء للخارج من السبيلين إلا الريح ، فما يظنه بعض الناس من أن خروج الريح يوجب الاستنجاء غير صحيح فمن خرجت منه ريح ثم توضأ ولم يستنج فوضؤه صحيح ولا إثم عليه.

وتكره إطالة الجلوس في الخلاء بلا حاجة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولا يطيل المقام لغير حاجة لان المقام فيه لغير حاجة مكروه لأنه مُحْتَضر الشياطين وموضع إبداء العورة. ا.هـ

 ويستحب له إذا خرج من الخلاء أن يقول : غفرانك . لما روته عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كان النبي ﷺ إذا خرج من الخلاء قال : غفرانك . رواه الترمذي.
غفر الله للكاتب والقارئ والناشر ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق